تقوى الله عزّ وجلّ هي خشيته والخوف منه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ،وتكون تقوى الله كما قال أهل العلم : أن يجدكَ الله حيث أمرك ، ولا يجدكَ حيث نهاك.ويكون المرء تقيّاً حين يستشعر مراقبة الله سبحانه وتعالى له في السرّ والعلن ، وهو بذلك يكون وقّافاً عند ما نهى الله تعالى عنه ، مقبلاً إلى ما شرعه الله وحثّ عليه ربّنا جلّ جلاله ، وأمر به نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم .
فعلى المسلم أن يعلم أنّ ما أمر به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو بمثل ما أمر به ربّنا جلّ وعلا ، لأنّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلاّ وحيٌ يوحى.
والتقوى هي خيرُ زادٍ يمكن أن يتزوّد به المؤمن ، وهي باب من أبواب الفتح والنصر والرزق من الله تعالى ، فعلى المسلم أن يتحلّى به في كل لحظة من لحظات حياته.والتقوى هي معيار التنافس والأفضلية بين الناس لقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأنه لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إلاَّ بِالتَّقْوَى ، كما أن الله عزّ وجلّ قال : ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ).
وحتّى يتّقي المسلم ربّه عليه أن يجاهد نفسه على الطاعة ويجاهدها في صرفها عن المعصية ، وليتذكّر أنّ الصبر على الطاعة خير وأفضل وأيسر من الصبر عن المعصية ، لأنّ المعصية إذا وقعت كان لها من الأثر النفسيّ والماديّ ما يجعل حياة المرء في كدَر وهمّ وضيق ، وكلّما ازددت قرباً من الله كانت معيّة الله معك ، وكانت رعايته لك حاضرة.
وحتّى يتّقي المؤمن ربّه عليه أن يتذكّر ثمرات التقوى ومنزلته الرفيعة عند الله سبحانه وتعالى ، فلقد وضع ربّنا جلّ جلاله قانوناً لا يتغيّر ولا يتبدّل : (( ومن يتّقِِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، فمعَ التقوى تكون المخارجُ من الأزمات والاضطرابات وتكون الحلول الشافية وتكون يَدُ الله معك والتي ما كانت مع أحدٍ إلاّ أمدته بالعون والنصر والتمكين ، ومع تقوى الله تكون الأرزاق المُغدقة من ربٍّ رزّاقٍ كريم ، ومع التقوى تُضاء لك دروب الحقّ ويحبّك الله ويقرّبك لتكون من أوليائه الصالحين.
والتقوى محلّها القلب ، فعليك أن تجتهد في أن يكون قلبك معلّقاً بالله ، مجلاً له ، مطيعاً لأوامره ، والله الذي لا إله إلاّ هو لو أطعت الله واتقيته حقّ التقوى ، لفُتحت لكَ أبواب الكون على مصراعيها ؛ لأنك حينها تكون مع الملك ذو الجلال والإكرام.